ما الذي يقلق إسرائيل من دخول بينيت وتشكيل حكومة يسار؟ حسين جبارين - عكا للشؤون الاسرائيلية

 السياسيين يفران من المعسكر الوطني ويقيمان حكومة يسار بدعم الأحزاب العربية، فقد حان الوقت للحديث عن التداعيات الاستراتيجية والقومية لأفعالهما.     ينبغي الفهم بأن حكومة اليسار “برئاسة بينيت” ستكون أغلبية مطلقة للكابينت السياسي الأمني للوزراء المؤيدين لسياسة إدارة بايدن الإقليمية.    فإدارة بايدن تسعى إلى إعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي مع إيران. ولهذا الموقف معنى واحد فقط: ضمان طريق إيران، سواء للترسانة النووية أم لمكانة الهيمنة الإقليمية. فالاتفاق النووي يسمح بعودة إيران إلى السوق الدولية في ظل دفع تعويضات لآية الله بالمليارات. وستتيح هذه الأموال للإيرانيين تعميق سيطرتهم في اليمن، والعراق، وسوريا ولبنان، وتوسيع حربهم ضد السعودية في ظل إخضاع دول الخليج والأردن، وممارسة التهديد المباشر على مصر.    كما أن الاتفاق يعطي إيران الشرعية والحرية لبناء ترسانة نووية. فكل القيود المفروضة على نشاط طهران النووي ستنتهي في 2030. وإن فكرة أنه يمكن استئناف الالتزام الأمريكي بالاتفاق النووي للعام 2015، وبعد ذلك إقناع طهران بقبول المزيد من القيود على نشاطه النووي، هي فكرة عديمة الأساس.    حكومة اليسار التي ستقوم لن تتمكن من خوض صراع ضد السياسة الأمريكية، لأن معظم وزرائها يؤيدونها. وسيؤدي تفكك الموقف العنيد لإسرائيل ضد السياسة المؤيدة لإيران من جانب الإدارة إلى تفكك اتفاقات التطبيع. فهذه الاتفاقات تقوم على أساس ثقة دول الخليج باستعداد إسرائيل للعمل ضد إيران حتى بخلاف موقف واشنطن. وفي اللحظة التي يزول فيها هذا الاعتراض الإسرائيلي، سيتفكك منطق هذه الاتفاقات.    وبالنسبة للفلسطينيين – مع حكومة اليسار الآخذة في التشكيل، ستكمل السلطة الفلسطينية خطة سيطرتها في المنطقة “ج”، لأن معظم وزراء الحكومة سيعارضون أي خطوات تمنع خطى السلطة الفلسطينية. ولست الأيديولوجي فقط هي التي ستؤيد أغلبية أعضاء الحكومة سيطرة السلطة الفلسطينية على المناطق “ج”؛ لأنهم لن يتجرأوا على معارضتها، خصوصاً في ضوء تأييد إدارة بايدن خطوات السيطرة التي تقوم بها السلطة الفلسطينية.    وبالنسبة لغزة، وبدعم اقتصادي من إدارة بايدن والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، ستعيد حماس في غضون بضعة أشهر بناء قدراتها العسكرية. هذا لأن معظم وزراء حكومة اليسار التي ستقوم، سيؤيدون خطوات الإدارة وشركائها في أوروبا والأمم المتحدة “لإعمار غزة”، في ظل رفع القيود عن إدخال مواد البناء وغيرها. وإذا لم يكن هذا بكافٍ، فإن القائمة الموحدة ستسقط الحكومة إذا ما تجرأت بشكل ما على الصدام مع حماس.    فضلاً عن الكارثة التي ستجلبها حكومة اليسار على مكانة إسرائيل السياسية والعسكرية حيال إيران والفلسطينيين، ثمة أيضاً قصة الديمقراطية الإسرائيلية. ففي حكومة اليسار التي ستقوم، ستكون هناك أغلبية كبيرة لتخليد سيطرة قضاة المحكمة العليا والمستشار القانوني للحكومة والنيابة العامة على كل مستويات الحياة في إسرائيل، بما في ذلك عمل الكنيست والحكومة. وستختفي مع حكومة اليسار المتشكلة كل إمكانية لإعادة ترميم مكانة منتخبي الشعب وإعادة السيادة للشعب. لا يهم ما سيقوله “رئيس الوزراء” بينيت ورفاقه. هم يقيمون حكومة يسار. ولا حاجة إلى قدرة تنبؤ لفهم التداعيات.